آفات لسان المســــلم الجزء الثالث ( التنابز بالألقاب )

يروى أن ثابت بن قيس كان به وقر( أي ثقل في السمع) وكانوا يوسعون له في مجلس رسول الله  ليسمع ، فأتى يوما وهو يقول: تفسحوا لي حتى آتي رسول الله  فقال لرجل: تنح، فلم يفعل، فقال من هذا ؟ فقال الرجل: أنا فلان، فقال ثابت: بل أنت ابن فلانة( يريد أمه لأنه كان يعير بها في الجاهلية) فخجل الرجل، فنزلت الآيةوَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلاٌّلْقَـٰبِ بِئْسَ ٱلاسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلاۤيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ) الحجرات:11، فقال ثابت: لا أفخر على أحد في الحسب.
ومعنى (وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلاٌّلْقَـٰب) أي لا يلقب بعضهم بعضا بما يكره من ألقاب، فإن من حق المؤمن على المؤمن أن يسميه بأحب أسمائه، لذايروى أن أباذر كان عند النبي فنازعه رجل، فقال له أبوذر: يا ابن اليهودية، فقال  ما ترى ها هنا أحمر وأسود ، ما أنت بأفضل منه، وحينما اشتكت السيدة صفية بنت حيي للنبي  إن النساء يعيرنني، ويقلن: يا يهودية بنت يهوديين، فقال لها رسول الله  :هلا قلت، إن أبي هارون، وإن عمي موسى، وإن زوجي محمد.
إن من الملاحظ في السنوات الأخيرة انتشار الألفاظ المبتذلة بين الناس، هذا اللون من البذاءة أصبح من لوازم البعض رغم أن البذاءة في القول من آفات اللسان التي تدخل المرء نار جهنم، قال: "إياكم والفحش، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش"، وقال " ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذئ " والبذاءة هي التلفظ بالعبارات الجارحة السيئة التي تمس العرض والشرف والنسب، ومن كانت حاله كذلك فهو خارج عن حظيرة الإيمان بعيدا عن رضا الله لأنه يستحل لنفسه حرمات الناس التي حرمها الله، قال: " كل المسلم على المسلم حرام ماله ودمه وعرضه " وهذه الظاهرة تدل على انعدام القيم التي جاء بها الدين الحنيف، فمن صفات المسلم أن يسلم المسلمون من لسانه ويده فكيف يكون مسلما من جعل لسانه سيفا مصلتا على أعراض الناس يسب أبا هذا ويلعن هذا ويسيئ إلى هذا، عن أبي موسى  قال: قلت يارسول الله أي المسلمين أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده " وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله  " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر "وعن أبي ذر أنه سمع رسول الله  يقول: " لا يرمي رجل رجلا بالفسق أو الكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك "
قال قتادة ومجاهد والحسن: (وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلاٌّلْقَـٰب) هو قول الرجل للرجل يا فاسق، يا منافق، وقال ابن زيد: من لقب أخاه أو سخر منه فهو فاسق، وقال ابن عباس: التنابز بالألقاب أن يكون الرجل قد عمل السيئات ثم تاب فنهى الله أن يعير بما سلف.
والعجيب أن بعض الناس يجلب لوالديه السب واللعن بسبب بذاءة لسانه وتنابزه بالألقاب، ومن لا يتق الشتم يشتم، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله قال: " إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل يار سول الله: كيف يلعن الرجل والديه؟ قال : يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه ".
إن المؤمن الذي يعطي الحرية للسانه يقول ما يشاء ويسيئ لخلق الله، قد فسق بعد إيمان، ومن لم يتب من الإستهزاء بغيره وتنقيصه بالعيب فيه فأولئك هم الظالمون لأنفسهم ولإخوانهم المؤمنين، عن سفيان بن عبد الله  قال" : قلت يارسول الله حدثني بأمر أعتصم به قال: قل ربي الله ثم استقم، قلت يارسول الله ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ بلسان نفسه ثم قال هذا "