سوء الظن بالناس واحد من الأمراض الخطيرة التي حاربها الإسلام لأنه إنشغال بتدمير الآخرين وبتدبير المقالب، فالإيمان يحكم على الناس بالإستقامة لأن الأصل في الناس أنهم أبرياء، بينما سوء الظن اتهام الأبرياء وتلطيخ لكل مؤمن ومستقيم، فإذا اغتنى المسلم من حلال يردد أصحاب الظن السيئ أنه سارق ومرتش وآكل لأموال الناس بالباطل، وإذا نجح في عمله يردد أصحاب الظن السيئ أنه ساعده فلان وفلان وأنه دفع لهم من أجل ترقيته لأنه لا يستحق، وهذا يؤكد أن سيئ الظن دائما يلطخ سمعة الشرفاء، فكم قطعت علائق بسبب سوء ظن لا أساس له، وكم دمرت أسر بسبب ظن الزوج بزوجته، وكم امتلأت صدور بالحقد والكراهية بسبب سوء الظن، في قصة الإفك حينما اتهمت أمنا عائشة (رضي الله عنها) في عرضها، وهي الصديقة بنت الصديق، الزهرة التقية النقية التي غرست في حقل الإسلام وسقيت بماء الوحي، إذا بالحبيب يقول ليعلمنا حسن الظن:" فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا "، لقد كلف سوء الظن أطهر النفوس في تاريخ البشرية كلها آلاما لا تطاق، وكلف الأمة تجربة من أشق التجارب فقد علق قلوب الحبيب والصديق وبنت الصديق(رضي الله عنها) شهرا كاملا بحبال الشك والقلق بسبب شائعة بذرها رأس النفاق عبد الله بن أبى بن سلول ورددتها ألسنة بسبب سوء ظنها، وكان المأمول بين المؤمنين والمؤمنات أن: مالا يليق بهم فمن باب أولى لا يليق بزوج نبيهم ، أليست هي أمهم؟ فكيف يظنون في أمهم؟ لذا يروى أن امرأة أبي أيوب الأنصاري قالت لأبي أيوب: أما تسمع ما يقول الناس في عائشة! قال: نعم وذلك الكذب، أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب؟ قالت: لا والله، قال:" فعائشة والله خير منك "حتى أنزل الله براءتها من فوق سبع سموات (إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإِثْمِ وَٱلَّذِى تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَّوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هَـٰذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ * لَّوْلاَ جَآءُو عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُواْ بِالشُّهَدَآءِ فَأُوْلَـٰئِكَ عِندَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْكَـٰذِبُونَ * وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلاٌّخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِى مَآ أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَٰهِكُمْ مَّا لَّيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٌ * وَلَوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَـٰذَا سُبْحَـٰنَكَ هَـٰذَا بُهْتَـٰنٌ عَظِيمٌ *يَعِظُكُمُ ٱللَّهُ أَن تَعُودُواْ لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ * وَيُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلاٌّيَـٰتِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلْفَـٰحِشَةُ فِى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلاٌّخِرَةِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ * يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّى مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )النور:11-21
من أجل هذا كان النبي يحذر من سوء الظن.... عن أبي هريرة أن رسول الله قال" إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث " فلا بد أن يكون المؤمن حسن الظن بالناس من حوله، وليحمل كلامهم على الخير لا على الشر.
عن جابر بن سمرة، أن أهل الكوفة شكوا أميرهم سعد بن أبي وقاص إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فذكروا من صلاته، فأرسل إليه عمر فقدم عليه، فذكر له ما عابوه به من أمر الصلاة، فقال إني لأصلي بهم صلاة رسول الله ما أخرم عنها. إني لأركد بهم في الأوليين( يعني أطيل فيهما)، وأحذف في الأخريين( يعني أقصر فيهما)، فقال عمر: " ذاك الظن بك يا أبا اسحاق " وها هو الحبيب يعطى أصحابه والأمة من بعدهم دروسا عملية في حسن الظن بالناس من حولهم...
عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله عمر على الصدقة، فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله. فقال رسول الله : ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله. وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا، قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله ( أي حبسها وجعلها من الوقف في سبيل الله فلا زكاة فيها)، وأما العباس فهي علي ومثلها معها( أي تسلفت منه زكاة عامين)، ثم قال في حق عمه العباس: " يا عمر، أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه (أي مثله يعني أنهما من أصل واحد )"
يروي الإمام القرطبي في التفسير كان النبي إذا سافر ضم ارجل المحتاج إلى الرجلين الموسرين فيخدمهما، فضم سلمان إلى رجلين، فتقدم سلمان فغلبته عيناه فنام ولم يهيئ لهما شيئا، فجاءا فلم يجدا طعاما وإداما، فقالا له: انطلق فاطلب لنا من النبي طعاما وإداما، فذهب، فقال له النبي : اذهب إلى أسامة بن زيد فقل له إن كان عندك فضل من طعام فليعطك، وكان أسامة خازن النبي، فذهب إليه، فقال أسامة: ما عندي شئ، فرجع إليهما فأخبرهما، فقالا: قد كان عنده ولكنه بخل، ثم بعثا سلمان إلى طائفة من الصحابة فلم يجد عندهم شيئا، فقالا: لو بعثنا سلمان إلى بئر سميحة لغار ماؤها، ثم انطلقا يتجسسان لعل عند أسامة شئ، فرآهما النبي فقال: ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما( يعني لحم عفن نتن ) فقالا: يا نبى الله، والله ما أكلنا في يومنا هذا لحما ولا غيره، فقال ولكنكما ظللتما تأكلان لحم سلمان وأسامة، فنزلت الآية( يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)الحجرات:12، فالواجب على المسلمين ألا يظنوا بأهل الخير سوءا مادام ظاهر أمرهم للناس هو الخير، كذلك يجب على المسلم حسن الظن بالله.
إن من أعظم النعم أن يحسن العبد ظنه بالله، عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله قبل موته بثلاثة أيام يقول: لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله " فانظر إلى حرص النبي على حسن الظن بالله وهو في الأيام الأخيرة من العمر فالقلب المؤمن بالله
حسن الظن به، يتوقع منه الخير دائما في كل حال، وأن إليه المآل فهو موصول بالله على هذا الأساس وراغب في خيره على كل حال، أما المنافقون والمشركون فهم على عكس ذلك تماما، لذلك كان الجزاء من جنس العمل، فعليهم تدور الدوائر وتنزل اللعنات وبئس المصير، قال تعالى: ( وَيُعَذِّبَ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ وَٱلْمُنَـٰفِقَـٰتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَـٰتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً )الفتح:6 فسوء الظن بالله من عمل أهل الجاهلية الذين لم تشرق قلوبهم بأنوار الإيمان، ولم يهتدوا إلى طريق الرحمن، فهم من الخاسرين الضالين، في يوم أحد حينما ابتلي المسلمون ظن المنافقون بالله ظن السوء حينما مات بعض إخوانهم، فأخذوا يقولون لو أطاعونا فلم يخرجوا إلى الغزو ما قتلوا، وظنوا أن عدم خروجهم للغزو يكتب لهم النجاة وطول العمر، فأنزل الله مبينا سوء ظن المنافقين بالله ومحذرا المؤمنين أن يكونوا مثلهم في سوء الظن بالله ، قال تعالى: ( ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ ٱلْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَىٰ طَآئِفَةً مِّنْكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ ظَنَّ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلاٌّمْرِ مِن شَىْءٍ قُلْ إِنَّ ٱلاٌّمْرَ كُلَّهُ للَّهِ يُخْفُونَ فِىۤ أَنْفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلاٌّمْرِ شَىْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَـٰهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِى بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِىَ ٱللَّهُ مَا فِى صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِى قُلُوبِكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ * إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ* يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَٰنِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِى ٱلاٌّرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ حَسْرَةً فِى قُلُوبِهِمْ وَٱللَّهُ يُحْيىِ وَيُمِيتُ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )آل عمران:154-156، وقد يصل الأمر في سوء الظن أن يتهم الجاهلون ربهم بعدم علم كل الأمور، عن ابن مسعود قال: اجتمع عند البيت ثلاثة نفر: قرشيان وثقفي، قليل فقه قلوبهم، كثير شحم بطونهم، فقال أحدهم: أترون أن الله يسمع ما نقول؟ فقال أحدهم: يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا، وقال الآخر: إن كان يسمع إن جهرنا فهو يسمع إذا أخفينا، فأنزل الله قوله: ( وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّىٰ إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَـٰرُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِى أَنطَقَ كُلَّ شَىْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَـٰرُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِى ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ ٱلُخَـٰسِرِينَ * فَإِن يَصْبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ * وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِىۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَـٰسِرِينَ ) فصلت:19-25، والمعنى: كنتم تستترون عن الناس عند ارتكاب الفواحش مخافة الفضيحة، وما ظننتم أن أعضاءكم تشهد عليكم فما استخفيتم منها بسبب ظنكم أن الله تعالى لا يعلم كثيرا من القبائح المخفية، وذلكم الظن القبيح برب العالمين هو الذي أوقعكم في الهلاك والدمار فأوردكم النار وخسرتم سعادتكم وأنفسكم وأهليكم وهذا تمام الخسران والشقاء، لذا جاء عن أبي هريرة عن النبي قال:" حسن الظن من حسن العبادة "
وفي يوم الحديبية ظن المنافقون أن محمدا وأصحابه لن يرجعوا إلى المدينة أبدا لأن الله قد تخلى عن نبيه، وزين ذلك الضلال في قلوبهم وظنوا أنهم يستأصلون بالقتل ولا يرحع منهم أحد، فبين ربنا هذا الظن الخبيث السيئ ، فقال
بَلْ ظَنَنْتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ إِلَىٰ أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِى قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً ) الفتح:12، عن أبي هريرة عن رسول الله : أن الله قال: أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن بي خيرا فله، وإن ظن شرا فله " فالعبد إذا أذنب وأراد أن يتوب فعليه أن يملأ قلبه ثقة في الله أنه سيغفر له ذنوبه ويتجاوز عن سيئاته، فمن الناس من تقول له استغفر الله ، ارجع إلى الله كي يغفر لك، فإذا به يجيب: يغفر إيه ولا إيه الذنوب كثيرة، فهذا سوء ظن بالله وبسعة رحمته، فليتب إلى الله ويستغفره من ظنه بربه ظن السوء وليتذكر أن رحمة الله وسعت كل شئ،ولكن ليس معنى هذا أن نتكل على رحمة الله وكرمه دون عمل، فإن قوما ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم وقالوا نحن نحسن الظن بالله تعالى، وكذبوا، لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل، فعليه أن يجمع بين الرجاء والخوف، عن أنس أن النبي دخل على شاب وهو في الموت فقال: كيف تجدك؟( أي على أي حال أنت.. أراج أم خائف)، قال: أرجو الله يا رسول الله وإني أخاف ذنوبي، فقال رسول الله : لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو، وأمنه مما يخاف "